الاثنين، 15 يناير 2024

هل كل دعاء أو ذبح أو نذر أو صدقة شرك؟

والجواب: ليس كل دعاء أو ذبح أو نذر أو صدقة شرك.

فالعرب تسمّي النداء: دعاء. كقولنا: يا زيد أفعل، ويا زيد لا تفعل، ونحو ذلك. 

وكذلك دعاء الناس بعضهم بعضاً، عندما يستغيث ويستعين ويستعيذ بعضهم ببعض، فيما يقدرون عليه من أمور الدنيا.

هذا كله مباح.

وإنما يكون الدعاء شركاً، إذا صرف لغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى. أو صرف لغير الله تعالى في حال يكون فيها هذا المدعو عاجزاً عن سماعك أو رؤيتك أو العِلم بحالك. كأن يكون في مكان بعيد، أو يكون ميتاً، ويعيش في عالم أخر، حتى لو كان ما تدعوه إليه، مما يقدر عليه المخلوقون عادة، فإذا كان المدعو في مكان بعيد، أو ميِّت، فلا يجوز دعاءه بحال.

فهنا يكون الدعاء شركاً.

ويكون عملك عبادة شرعية، لا يجوز صرفها إلا لله تعالى.

وكذلك الذبح، فمن الذبح ما لا يكون شركاً، كذبح الرجل لنفسه ليطعمها، ولأهل بيته ليطعمهم. 

أو كذبح الرجل لضيفه إكراماً له.

أو كذبح الرجل لرجل تقرباً له، ليقضي له حاجة من حوائج الدنيا، التي يقدر المخلوقون عادة على قضائها.

فيذبحها ويقدمها إليه على أنها هديّة أو ضيافة.

إلا أن الله تعالى، اشترط علينا في كل ذلك، أن نذكر اسمه العظيم عليها عند الذبح.

فلا تحلّ ذبيحة لم يذكر اسم الله تعالى عليها.

ولكن الذبيحة تكون شركاً، إذا قدّمت لمخلوق تقرباً له، ليقضي حاجة من الحوائج التي لا يستطيع قضاءها إلا الله تعالى.

أو يقدم الذبيحة لمخلوق تقرباً وتزلفاً دون ذكر اسم الله عليها، أو بذكر اسم هذا المخلوق عليها عند الذبح، بدل ذكر اسم الله تعالى، فهنا تكون هذه الذبيحة، شرك أكبر.

وكذلك النذر، فمن نذر لمخلوق لأجل أن يقضي له حاجة من حوائج الدنيا التي يقدر عليها المخلوقون عادة، فهذا نذر جائز، شرط أن لا يكون رشوة أو حراماً.

كقول الرجل للرجل: إن بعتني أرضك الفلانية، أعطيتك جملي الأحمر مع الثمن، فهذا نذر مباح.

ولكن النذر يكون شركاً، إذا قًدِّم لمخلوق تقرباً له، ليقضي حاجة من حوائج الدنيا التي لا يستطيع قضاءها إلا الله تعالى.

وكذلك الصدقة، فقد يكون للرجل عند رجلٍ حاجة من حوائج الدنيا، التي يستطيع المخلوقون قضائها عادةً، فهذه صدقة جائزة.

كقول الرجل للرجل: إن كنت تريد أن أقضي حاجتك الفُلانيَّة، فعليك أن تعطي الفقير - ويسمي الفقير الذي يريد أن يصله الخير - طعاماً، أو اشتر له طعاناً، أو غير ذلك من صنوف الخير، فيقوم الرجل صاحب الحاجة بتقديم هذه الصدقة غلى ذلك الفقير، ليس له فيها نيَّة، إلا أن يقوم الرجل الذي حاجته عنده بقضاء حاجته.

ولكن الصدقة تكون شركاً، إذا قًدِّمت لمخلوق تقرباً له، ليقضي حاجة من حوائج الدنيا التي لا يستطيع قضاءها إلا الله تعالى.

والعلّة في كون دعاء المخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله، أو الذبح له والنذر له، أو التصدق لأجله، للتقرب لقضاء حاجة لا يستطيع قضاءها إلا الله تعالى، هو أن الداعي جعل لله مثيلاً وكفواً وندّاً.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

والله أعلم وأحكم.