الأربعاء، 24 يناير 2024

مسألة كفر من ترك باقي أركان الإسلام وشرائعه

وأما باقي أركان الإسلام، وهي: الزكاة والصيام والحج، وباقي شرائع الإسلام، وهي: كل ما أمر الله عز وجل به أو نهى عنه، في كتابه العزيز.

فجميع هذه الأمور، لا يكفر فيها المخالف إلا بعد بلوغه الحجة مع استحلاله للمخالفة فيها، أو انكار أن الله تعالى أمر بها.

فإن كان جاهلاً لا علم له بالحكم الشرعي فيها، فلا شيء عليه.

وإن أقيمت عليه الحجة من كتاب الله عز وجل، وخالف في ذلك، بترك ما أُمر به أو عَمَلِ ما نُهي عنه، مع اقراره أنه مخطئ، ولكن ما أوقعه في المخالفة إلا الكسل أو ضعف النفس وغلبت الشهوة في ترك ما أُمر به أو عمل ما نُهي عنه، فهذا لا يكفر الكفر الأكبر، بل هو عاص، ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.

والدليل على ذلك، هي الأدلة التي سقناها في حكم تارك الصلاة، فإن الشارع لم ينصّ إلا على تارك الصلاة، واستثنى ما عداه، فدل على أن باقي أركان الإسلام وشرائعه، لا يكفر المخالف فيها الكفر الأكبر، إلا بعد الاستحلال أو إنكار أنها فرض من الله تعالى.

والسبب في كفره، أنه مكذب بالقرآن الكريم، والمكذّب بالقرآن كافر كفراً أكبر.

هذا فيمن خالف القرآن الكريم.

وأما السُنّة، فهي نوعان:

سنة تواتر عليها العمل، من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا، تواترت بين العلماء والعوام، مثل: طريقة أداء الصلاة، ومقدار الزكاة، وطريقة الصوم، وطريقة الحج.

فهذه من خالف فيها كافر، لأنه لا يخالف فيها أساساً، إلا عابث ماكر محتال، يريد أن يُشغِّب على الناس ويفسد عليهم دينهم.

وسنة يرويها الواحد، ولم تعرف إلا من النقل عن الرواة، يعرفها البعض ويجهلها الأخرون، فإن أنكر المنكِر شيئاً منها، لعلّة بيّنة في الحديث، فلا يكفر، ولكن إن كان الدافع له، لإنكار الحديث هو لأن الحديث يخالف هواه، فهذا حكمه حكم من كذّب بالقرآن الكريم.

والله الهادي إلى سواء السبيل.

والله أعلم وأحكم.