السبت، 18 يناير 2025

الفرق بين التوسل والاستشفاع

التوسل، في اللُغة، هو التقرُّب، أي: أن تعمل عملاً يُقرِّبُك ممن تريد التقرُّب إليه.

ومن أنواع التوسُّل: طلب الشفاعة (الاستشفاع) وهو أن تجعل بينك وبين من لك عنده حاجة، واسطة، يشفع لك عند من تريد التقرُّب إليه، في أن تكون قريباً منه، أو ليقضي لك حاجة، لم يكن ليقضيها لك، لو سألتها منه مباشرة دون واسطة.

وأما الاستغاثة، فهي الدعاء نفسه، أو جزء من الدعاء، لأن الدعاء، إنما يكون استغاثة أو استعانة أو استعاذة.

فالتوسل والاستشفاع، هو شيء يقدمه صاحب الحاجة، لمن له عنده حاجة، يستطيع قضائها له، لكي يقضيها له.

فالوسائل والشفعاء لا تدعى، بل الذي يُدعى هو من يملك قضاء هذه الحاجات، وإنما يتخذ لهذا المالِك وسائل وشفعاء، ليُعطي الداعي طلبه.

والتوسل بجميع أنواعه، ومنه الاستشفاع، جائز بين المخلوقات، إذا توفَّرت شروط ثلاث، وهي: أن يكون الواسطة (المستشفع به) والمتوسَّطُ عنده (المستشفع عنده) أحياء وحاضرون وأن يكون في أمرٍ يستطيع المخلوقون عادة قضاءه، من أمور الدنيا.

والدليل على ذلك، قول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره عنه، لابنته فاطمة رضي الله عنها: "يا فاطمة بنت محمد، لا أُإني عنكي من الله شيئا، سليني من مالي ما شئتِ".

والشاهد من هذا الحديث، هو قوله لابنته فاطمة: "سليني من مالي ما شئت". فأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم، بأنه لا يستطيع أن يغيثها أو يعينها أو يعيذها، إلا فيما يقدر عليه المخلوقون عادة من أمور الدنيا، وفي هذا جواز دعاء المخلوق، فيما يقدر عليه من أمور الدنيا، وإذا كان يجوز دعاء المخلوق فيما يقدر عليه من أمور الدنيا، فجاز أن يتوسل المتوسل ويستشفع المستشفع، إلى هذا المخلوق بما يقرّبه إليه، ليحصل على حاجته منه.

وأما التوسُّل بجميع أنواعه، ومنه الاستشفاع، عند الله تعالى، فله ثلاث حالات:

الأولى: توسل واستشفاع جائز، وهو أن تعمل العمل، لله وحده لا شريك له، خالصاً من قلبك، فلا تقدمه لغير الله تعالى، وعندما تتوسَّط (تستشفع - أي: تطلب منه الشفاعة عند الله) بشخص تعتقد فيه الصلاح، كالأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة، فإنما تطلب منه أن يدعو الله لك، فتقول: يا نبي الله، أو يا فلان، أدع الله تعالى لي أن يفعل لي كذا وكذا، أو تقول: اشفع لي عند الله تعالى أن يفعل لي كذا وكذا.

وسؤالك للنبي أو الولي أو الشيخ، أن يدعو الله لك، إنما يكون وهو حيّ، فإذا كان ميّتاً، فلا يجوز أن تسأل منه الدعاء أو الشفاعة عند الله تعالى، لأنه ميِّت، فكيف تسأل منه الدعاء أو الشفاعة عند الله تعالى، وهو ميِّت! هذا لا يكون، لأن الميّت، لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلّم ولا يتحرك، ولا يشعر بك أساساً.

والثاني: توسُّل واستشفاع، بالتوجّه على الله تعالى بصالحي عباده، فتدعو الله تعالى، ولا تدعو غير الله تعالى، وانتبه لهذا، فأنت هنا، تدعو الله وحده لا شريك له، ولا تدعو غيره، ثم تتوجه إلى الله تعالى بصالحي عباده، من أنبياء وأولياء ومشايخ وملائكة، فتقول: يا الله اغفر لي بجاه نبيك أو بجاه عبدك فلان، سواء كان هذا النبي أو الولي أو الشيخ حيّاً أو ميّتاً، أو بجاه الملك الفلاني، جبريل أو ميكائيل أو إسرافيل، أو غيرهم من ملائكة الله تعالى. فهذا النوع من التوسُّل ليس شركاً، ولا يمكن أن يكون شركاً، بل يتردد حكمه بين الإباحة وبين أن يكون بدعة. فمن أباحه، أباحه لأن الدعاء فيه موجّه إلى الله تعالى، وليس لأحد من خلقه، وأنه قد وردت فيه أحاديث تفيد أنه عمل مباح وجائز، وأنه جائز عقلاً وفِطرَة أيضاً، والذين قالوا بأنه بدعة، احتجوا على ذلك، على أن الأحاديث الواردة في إجازة العمل به كلها معلولة، ضعيفة، وبما أن الأحاديث الواردة في هذا العمل ليست صحيحة، فيكون العمل بها بدعة في الدين.

والثالث: توسل واستشفاع شركي، مخرج من المِلَّة، وهو أن تتوسل بعمل العمل الصالح لغير الله تعالى، لتتقرَّب به من مخلوق، ليقضي لك حاجة لا يستطيع قضائها سوى الله سبحانه وتعالى. فتقدم أعمالاً صالحة لشخص، أو تستشفع عنده بشخص له عند وجاهة، ليرضى عنك، ولأجل أن يقضي لك حاجة لا يستطيع قضائها إلا الله عز وجل.

ومثال ذلك: ما رأيته عند ضريح الطاغوت المدعو السيِّد البدوي، الذي يلقبه الناس في بلده بشيخ العرب، فقد رأيت امرأة خاضعة عند ضريحه، وهي تنادي بأعلى صوتها وتقول: سايقه عليك النبي يا شيخ العرب تشفي لي ولدي. فهذه المشركة الشرك الأكبر، تتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتستشفع به وتتوجه به إلى البدوي، ليرضى عنها البدوي، ويشفي لها ولدها، ومن يشفي ولدها سوى الله تعالى؟! فالبدوي ليس حياً حاضراً، وليس طبيباً، ليفحص ولدها ويجتهد في معرفة علته، ويجتهد في معرفة الدواء المناسب لعلته، بل ما سألته بهذه الطريقة، وفي هذه الحال، إلا وهي تؤمن بأنه مساو لله تعالى في قدرته، وأنه قادر على شفاء ولدها دون الحاجة إلى فحص أو اجتهاد، في معرفة علّته ومعرفة الدواء المناسب له، وهذه المرأة إن كاتت على ما هي عليه، فلن تشم رائحة الجنَّة حتى يشمها أبو جهل وأبو لهب وأبيّ بن خلف.

أو أن تتوجه بدعائك لغير الله تعالى، في أمر لا يستطيع قضاءه سوى الله تعالى، فتقول: يا نبي الله أو يا ولي الله أو يا شيخي، اغفر لي ذنوبي، أو ارزقني أو انصرني على اعدائي أو أنزل علينا المطر، أو أنبت لنا الزرع، أو أدرّ لنا الضرع، ونحو ذلك، فالدعاء هنا للمخلوق، وليس للخالق.

وهناك حالة رابعة، وهي وإن لم تكن شِركاً إلا أنها فرية عظيمة جسيمة، وتستوجب العذاب الأليم، وهي أن تتوسل بالله تعالى أو تستشفع به أو تتوجه به عند أحدٍ من خلقه، فشأن الله أعظم من ذلك، إن الله لا يُتوسَّل به ولا يستشفع به ولا يُتوَجَّخ به عند أحد من خلقه، بل الخلق كلهم صامدون إليه، ويتوسلون إليه ويستشفعون عنده ويتوجهون إليه.

والمشركون من المتكلمين والصوفية والشيعة الرافضة، يدعون الوسائل والشفعاء من دون الله تعالى، ويتوجهون إليها بالعبادة، ويسمون هذا توسُّلا واستشفاعا، وهذا كذب، لأن هذا ليس توسلاً ولا استشفاعاً، بل هو قصد وطلب، فأنت بدعائك له من دون الله، قصدته من دون الله، وطلبت حوائجك منه من دون الله، ولم تتوسّل به أو تستشفع به عند الله، وقد كان مشركو العرب قبل الإسلام، يفعلون ذلك، ثم يقولون: هذا طلب شفاعة، فكذَّبهم الله تعالى في سورة يونس، في قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}

وأنت إذا سالت مشركي الصوفية والشيعة الرافضة، وقلت لهم: لماذا تدعون الأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة من دون الله تعالى، يقولون لك: لأن الفاعل في الحقيقة هو الله، وليس المخلوق الذي ندعوه من دون الله!

وهذا جوابٌ فاسد، لأنه بناء على قولهم هذا، فإن مشركي العرب قبل الإسلام، لم يرتكبوا خطأً عندما دعوا آباءهم أو كبرائهم أو أوثانهم أو الملائكة أو الجنّ، لأن الفاعل في الحقيقة هو الله تعالى، وليس آباءهم أ كبرائهم أو أوثانهم أو الملائكة أو الجن، فلماذا إذا بعث الله نبيّه صلى الله عليه وسلّم إلى مشركي العرب؟!

سوف يقولون لك: لأن مشركي العرب قبل الإسلام، كانوا يقولون عن معبوداتهم من دون الله تعالى، بأنها أرباب، وآلهة!

فإذا قلت لهم: ما دليلكم على ذلك؟ قالوا: حديث عدي بن حاتم الطائي، أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن. وسمعته يقرأ في سورة براءة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} قال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه.

قالوا: فإن الله تعالى إنما وبّخهم في هذه الآية، على أنهم ادعو فيهم الربوبيَّة، فدلّ هذا - بزعمهم - أن صرف الدعاء ومنه الاستغاثة والاستعانة والاستعاذة لغير الله، لا يكون شركاً إلّا إذا اقترن معه ادعاء الربوبيَّة في المدعوّ من دون الله تعالى.

وحاصل قولهم أن الله تعالى، ما بعث الأنبياء، وما أنزل الكُتُب، إلا ليقولوا للناس، أن دعائهم وعبادتهم لغير الله تعالى صحيحة لا إشكال فيها، ولكن عليهم أن لا يصفوها بالأرباب أو الآلهة.

وهذا يعني، أن النبي صلى الله عليه وسلم، ما بعثه الله تعالى، ولا أنزل عليه القرآن، إلا ليقول لأبي جهل وأبي لهب وأبيّ بن خلف ومشركي العرب، بأنه لا بأس في عبادتهم ودعائهم للأوثان والملائكة والمشايخ والكبراء، ولكن عليهم أن لا يقولوا عن معبوداتهم، بانها ربَّة أو آلهة!

وهذا قولٌ فاسد، لسببين:

أولها: أن القرآن والسُنَّة، مليئة بالنصوص التي يوبِّخ الله تبارك وتعالى ورسوله المشركين، على صرفهم للدعاء إلى غير الله تعالى، فلو كان عِلة شركهم، هو مجرّد أنهم يصفون معبوداتهم من دون الله تعالى بالأرباب والآلهة، لكانت جميع آيات القرآن الكريم، توبّخ المشركين، على وصفهم لمعبوداتهم بالأرباب والآلهة، ولن تجد آية واحدة، توبِّخ المشركين على صرفهم للدعاء لغير الله تعالى.

وثانيها: أن حديث عدي بن حاتم حُجَّة عليهم لا لهم، لأن حديث عدي، ينصّ على أن مجرّد طاعة الكبراء في معصية الله تعالى، يكون من اتخذاهم أرباباً وآلهة، وذلك أن اليهود والنصارى، لم يكونوا يصفون أحبارهم ورهبانهم بالأرباب أو الآلهة، فكان مجرد طاعتهم في معصية الله تعالى، اتخاذا منهم لهؤلاء الأحبار والرهبان، أرباباً من دون الله، فهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً وآلهة، بلسان الحال وليس بلسا المقال.

ويقولون: نحن ندعو اقواماً صالحين، من أنبياء وأولياء ومشايخ وملائكة، ومشركي العرب، إنما كانوا يعبدون أوثاناً لا تسمع ولا تبصر ولا تتكلم ولا تتحرك، فكيف تشبّهنا بمشركي العرب قبل الإسلام؟!

والجواب على ذلك: أن ما ادعوه من أن مشركي العرب قبل الإسلام، كانوا يعبدون الأحجار والأشجار فقط، غير صحيح، بل إن مشركي العرب قبل الإسلام، كانوا يعبدون الملائكة والجنّ، بل ويعبدون الأولياء الصالحين، أحياء وأمواتاً،

قال تعالى في سورة سبأ: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَٰؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم ۖ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ۖ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (41)}

وروى الطبري في تفسيره، في تفسير قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّىٰ﴾ [النجم ١٩] عن عبدالله بن عباس رضي الله عنه أنه قال عن اللّات: "كان يلتّ السويق للحاجّ".

وروى الطبري عن مجاهد تلميذ ابن عباس رضي الله عنه، أن اللاتّ كان رجلا يلت السويق لحجاج المشركين فمات فعكفوا على قبره.

والشاهد من هذا الخبر، هو قول مجاهد: "فمات فعكفوا على قبره" أي: بنو على قبره، وعكفوا يدعونه من دون الله تعالى.

ومع أن الصواب، أن اللت اسم وثنٍ يُجسِّد امرأة، كان المشركون يزعمون أنها بنت الله، تعالى الله عن قولهم علوّاً كبيرا.

إلا أن ما رواه مجاهد، يفيدنا أن المشركين كانوا يعبدون الكبراء والسادات، وأنهم كانوا يبنون على قبورهم  ويعكفون عليها، ويدعونها ويسألونها قضاء حوائجهم، كما يفعل مشركو المتكلمين والصوفية والشيعة الرافضة،، والذي يظهر أن ابن عبّاس خلط بين القبر الذي كان يعتكف عنده مشركو قريش، وبين صنم اللات، فظن أن اللات لقب لصاحب القبر، ومثل هذه الأوهام تقع كثيراً عند الرواة.

ثم تجد مشركو الصوفية والشيعة الرافضة، مع دعائهم للأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة، يذبحون لهم وينذرون لهم! 

فإن قلت لهم: لماذا تدعونهم من دون الله وتذبحون لهم وتنذرون لهم، وكُلُّ ذلك عبادة لله تعالى، قالوا لك: إنما نذبح للأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة- بل وربما ذبحوا للجن أيضاً مدّعين فيهم الصلاح - وننذر لهم، وندعوهم من دون الله تعالى، ليكونوا شفعاء لنا عند الله، يقرّبوننا من الله تعالى، فيعطينا ما ينفعنا ويدفع عنّا ما يضرّنا.

ثم يقولون لك: ونحن عندما ندعوهم، إنما نريد منهم أن يدعون الله لنا، أن يعطينا ما ينفعنا ويدفع عنّا ما يضرّنا، فنحن قوم أصحاب ذنوب وخطايا، وهؤلاء ليست لهم ذنوب وخطايا، فهم اقرب إلى الله منّا، فبدعائنا لهم، وتقديمنا القرابين لهم، يحبّوننا، ويدعون الله لنا، فيستجيب الله لهم.

قلت: وهذا قول ساقط. وهو نفس ما كان يقوله مشركو العرب قبل الإسلام، عندما بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن مشركي العرب، عندما بُعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لهم: لماذا تدعون العباد من دون الله تعالى وتذبحون لهم وتنذرون لهم؟ قالوا له: إنما ندعوهم ونذبح لهم وننذر لهم، ليقرّبونا من الله تعالى.

قال تعالى في سورة الزمر: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)}

والحقيقة، أنهم يكذبون في قولهم، وأنهم يعبدونهم ويدعونهم، لأنهم يعتقدون أنهم ينفعونهم ويضرّونهم، من دون الله تعالى، لذلك قال الله تعالى مكذّباً لهم في سورة يونس: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (18)}

وكذلك مشركو الصوفية والشيعة الرافضة، فإنه من تمعّن في معتقدهم، عَلِم عِلْم اليقين، أنهم يكذبون فيما يدّعونه من أنهم إنما يدعون الأنبياء والأولياء والمشايخ والملائكة والجن، ويذبحون لهم وينذرون لهم، ليكونوا لهم شفعاء عند الله، بل إنهم إنما يفعلون ذلك، لانهم يعتقدون أن هذه المخلوقات، تنفعهم وتضرّهم من دون الله، وفوق إرادة الله تعالى، ولذلك تجد الصوفية والشيعة الرافضة، يدعون الناس إلى التعلُّق بالأنبياء والأولياء والمشايخ، وقد سمعت أحدهم يقول: علّقوا قلوبهم بالجيلاني، وعلّقوا قلوبكم بالرفاعي، فأين الله تعالى، ولماذا لا يأمرهم بأن يعلّقوا قلوبهم بالله تعالى! وتجد كثير من الصوفية يرون مشايخهم أعظم قدراً من الأنبياء، وأما الحلوليَّة الاتحادية، فإنهم يقرِّرون في قلوب أتباعهم، أن مشايخهم هو الله تعالى بعينه، لا شيء غيره. تعالى الله عن قولهم علواً كبيرا.

فأمر هؤلاء المشركين، من الصوفية والشيع الرافضة، أبين من الشمس في كبِد السماء، لا يغترّ بحالهم إلا من قلّ عقله وعلمه، أو مرجئٌ رقيق الدين صاحب هوى، نعوذ بالله من حال السوء.